شهد البينالي دعوة أكثر من 60 فنانًا مشاركًا من مختلف الجنسيات وينتمون لأجيال متعددة، مما أتاح لكل زائر فرصة التعرف على تجارب ومفاهيم جديدة. أقيم الحدث في مستودعات تم تحديثها مؤخرًا خصيصًا لاستضافة هذا الحدث، ومثل شعار ’تتبُّع الحجارة‘ العامل المشترك بين مختلف أقسامه، بدءًا من المعرض ووصولًا إلى البرنامج الثقافي.
أتت عبارة ’تَتَبُّع الحجارة‘ من مقولة ظهرت خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي كتعبير مجازي للنشاط الثقافي في ذروة التطور الاجتماعي والاقتصادي. هذه المقولة هي ’عبور النهر من خلال تَتَبُّع الحجارة‘، والتي تختزل عملية التحول والتطور عبر خطوات متأنية وحكيمة ومدروسة. ويعكس هذا فحوى رسالة مؤسسة بينالي الدرعية، والتي يمكن تلخيصها في إحداث التغيير من خلال روح وقوة الفن.
عبارة ’تتبُّع الحجارة‘ مستوحاة من الحركة الثقافية التي اجتاحت الصين في ثمانينيات القرن الماضي، وهو العقد الذي شهد بروز الفن الطليعي والإصلاح الاجتماعي، حيث ساعدت الأفكار المترجمة حديثًا على فتح الأعين والعقول على مفاهيم ورؤى جديدة.
ومن جانب آخر، فإن الفن يتلاقى مع الإصلاح الاجتماعي في كونه عملية تراكمية وعفوية في جوهرها. ’تتبُّع الحجارة‘ كانت رحلتنا الخيالية عبر أدق تفاصيل العمل الإبداعي وما يرافقه من أفكار؛ حيث أخذتنا هذه الرحلة عبر ستة أقسام:

عبور النهر
في بدايته، نظر البينالي في صدى التجارب التاريخية بين العالم والصين التي كانت تشهد عملية إصلاح وتحديث واسعة بداية من أواخر عام 1978. ففي ذلك العام، تغلبت الحركات الاقتصادية والثقافية الجديدة على عقود من التحكم المركزي للدولة، مما وفر نقطة انطلاق حديثة وفريدة من نوعها للتعبير الفني، مدفوعة بعدد من الأسئلة: هل لعملية الإصلاح جوانبها الجمالية الخاصة؟ كيف يمكن للتجارب المتباينة في التحول التاريخي أن تتفاعل مع بعضها البعض؟ هل هناك بعض المسائل أو العناصر المشتركة بين لحظات التغيير التاريخي؟ تناولت بعض هذه الأعمال بشكل مباشر مسائل التحول الاقتصادي والتطور الاجتماعي، بينما سلّط بعضها الآخر الضوء على الفنانين الذين لعبوا دورًا في نهضة الفن في مجتمعاتهم.
المحافظة التجريبية
هل يمكننا تحقيق فهم أفضل لماضينا عبر النظر إليه كنتاج مؤقت لزمننا الحاضر؟ استلهم هذا القسم فكرته العامة من أعمال المهندس المعماري خورخي أوتيرو-بيلوس، ليبحث في معضلةٍ معقدةٍ شائعةٍ في المجتمعات سريعة التطور، ألا وهي كيفية تبني التقنيات والممارسات والأفكار الحديثة، مع المحافظة على السمات الثقافية للمجتمع حتى وقتنا الحاضر؟ يلعب الفنانون دور الرواة في مثل هذه الأوقات، حيث يستنطقون الآثار، ويقصون قصصًا منسية أو غيبية، وينسجون من وحي تصوراتهم حقائق جديدة. وخلافًا لمفاهيم ’التراث‘ و ’التقاليد‘ – في ضوء الصراعات العالمية المستمرة – كيف يمكن للفن إنشاء مواقع بديلة للذاكرة، وتفكيك الذاكرة حتى أثناء إحيائها، والتساؤل حول المواضيع حتى أثناء التعبير عنها؟
ما بعد تعب السفر
يدفعنا العصر الحديث نحو إعادة التفكير في الزمان والمكان والعلاقة بين الثقافات المختلفة كوسيلة للتواصل عبر الحدود، لكن دون التخلي عن مفهوم السيادة. تظل هناك مفارقة هامة، حيث إنه حتى عند تطلعنا لفهم أبعاد وتدرّجات التأثير الفني وتتبع مصادر الإلهام، علينا دومًا تذكير أنفسنا أنه لكل فنان خصوصيته واستقلاليته. بحث هذا القسم في التفكير النقدي حول الحداثات المتعددة في مختلف الدول والمناطق الجغرافية والأزمنة، وذلك في ضوء النقاشات الأحدث حول التقاطع والتعددية القطبية. ما أنواع الحوارات الجديدة التي قد تظهر، وما هي الحوارات القديمة التي قد تطفو على السطح. ما هي نماذج الفن المعاصر التي يمكنها البقاء والحفاظ على رونقها في سياقنا العالمي؟ كيف نفهم العلاقات بين الأماكن والأزمنة والأنماط في عصرنا الحالي الذي يتسم بسهولة التواصل وعدم الاستقرار؟
الظهور العلني
للفن قدرة فريدة على الربط بين المجتمعات، وتصور أشكال جديدة للتكافل، لا سيما منذ دخول القرن الحادي والعشرين، حيث انخرط فنانون من جميع أنحاء العالم في الممارسة الاجتماعية، متجاوزين الأفكار القديمة للعمل الفني المستقل بذاته، ومتجهين نحو الفن بوصفه منصةً للتفكير الجماعي والمشاركة والتفاعل. فأطلق الفنانون مشاريع متنوعة تتضمن تكوين العلاقات الاجتماعية العابرة، والمساحات الفنية المؤقتة، وصولًا إلى السياق الأوسع للفن المجتمعي بإنشاء منظمات مستدامة ومؤسسات ناشطة. استكشف هذا القسم كيف عمل فنانون من مختلف مناطق العالم وعبر الأجيال المتعاقبة على استثارة الفكر الإنساني وتشكيل التجارب، ونقل المعارف والمهارات، ليجمعنا فنّهم من أجل تحقيق هدف أسمى.
عالم جديد كليًا
هنالك جانب واحد استطاعت جائحة فايروس كورونا (كوفيد-19) إظهاره بشكل واضح، وهو هشاشة بعض المنظومات الدولية القائمة التي سبقت وقوع الجائحة. وفي طور خروجنا جميعًا من هذا الحدث العالمي الذي أصاب المنظومات العالمية التي ساهمت في انتشاره، حانت البداية الفعلية لنتخيل واقعنا الجديد. على مدى سنوات، طرح الفنانون أفكارًا متعلقة بالعصر ’الأنثروبوسيني‘ الحالي الذي يركز على مدى تأثير البشر على كوكب الأرض، ويقترحون من خلال أعمالهم خيارات بديلة لمواجهة الاستهلاك المتزايد وتبعات الاحتباس الحراري. وفي مواجهة القيود الجديدة على التنقل والوعي المتزايد بمستوى الضعف البشري؛ فقد طرح الفنانون السؤال التالي: كيف سيبدو شكل المستقبل المبني على الدروس المستفادة من هذه الأزمة العالمية؟
فيما يخص الروح
يعمل الفنانون اليوم خارج حدود التاريخ والجغرافيا، وغالبًا ما يتفكرون ويبحثون في المعاني الروحانية والتجليات العالية. ففي أمة عامرة بالأماكن المقدسة، تتجلى العلاقة الخاصة بين الفن والأسئلة المرتبطة بالوجود الإنساني بأشكال جديدة وفاعلة، حيث يستلهم بعض الفنانين إبداعاتهم من الموروثات الدينية، بينما يأخذ البعض الآخر إلهامهم من مصادر أخرى غير مألوفة. استعرض القسم الأخير من المعرض الطرق المتعددة التي سعى بها الفنانون إلى محاولة فهم عالمهم، واستشعار الطاقات الخفية التي تساهم في تكوين عوالمهم الخاصة في الأوقات المليئة بالاضطرابات.
القيمون الفنّيون
تم تطوير بينالي الدرعية للفن المعاصر 2021-2 ، الذي طوره فريق من القيمين الدوليين بقيادة فيليب تيناري ، في ستة أقسام ، مع استجابة أعمال لفنانين محليين وعالميين لموضوع مركزي وإشراك الزائر في حوار حول الفن المعاصر.
وجدان رضا

فيليب تيناري

نيل جانغ

شيشوان ليوان

الأعمال الفنية


البرنامج الثقافي
استلهم البرنامج محتواه ورسالته من البينالي ومن المشهد الفني والثقافي في المملكة ومختلف دول العالم، مما مهد الدرب لإدراج الفنون في المجال التعليمي، وتبادل المعارف، ومشاركة أفضل الممارسات مع الجهات الرائدة في عالم الفنون.

تمحورت التجارب الإبداعية في بينالي الدرعية حول غرس بذور الاهتمام الواسع بالفنون في المجتمع من خلال إشراك الجمهور في عدد من الأنشطة الشيقة، مثل: عروض الأفلام، الحوارات المفتوحة، الروايات القصصية، والمسابقات الفنية، إضافة إلى توفير الفرص لاستكشاف العديد من الأفكار والمفاهيم الجديدة من خلال التفاعل مع الفنانين في جلسات القهوة الصباحية.

انطلقت الجلسات الحوارية لبينالي الدرعية للفن المعاصر بجلسة فريدة بمشاركة سعادة الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية وفريق العمل. كما طُرحت سلسلة نوعية من الحوارات بين فنانين محليين وعالميين تتشابه فلسفتهم وتتقاطع تجاربهم، من ضمنهم الدكتورة زهراء الغامدي مع السير ريتشارد لونج، لولوة الحمود مع هان منغيون، أيمن زيداني، وتيمور سي كين. هدفت الحوارات إلى توفير فرص التبادل المعرفي بين المهتمين بعالم الثقافة والفنون وتعزيز المحادثات المُثْرِية التي تراعي تنوّع وجهات النظر.

شارك معنا العديد من الأشخاص في الدورات الاحترافية التي قدّمتها مؤسَّسات رائدة في الفنون، مثل: ’معهد سوثبيز للفنون‘، وشركة ’مشاريع الفن الحضري‘ (UAP)، وهي دورات تخصُّصية مدتها ثلاثة أيام، تم تصميمها لمساعدة الفنانين والعاملين في مجال الفن على النجاح والنمو في مسيرتهم المهنية في مجال الفن والثقافة، وذلك من خلال اكتساب المعرفة النظرية والعملية الضرورية من أجل تطوير وتعزيز المشهد الفني في المملكة حاضرًا ومستقبلًا.



مخيم الاطفال

الزيارات المدرسية

الورش الفنية
الافلام/ العروض السينمائية
فنون بينالي الدرعية 101
أُقيم بينالي الدرعية للفن المعاصر بنسخته الأولى في حي جاكس بمنطقة الدرعية في الرياض. جدير بالذكر أنه كان موقعًا صناعيًا سابقًا لكن أُعيد تصميمه بالكامل ليكون وجهة فنّية وإبداعية وثقافية من الطراز الأول.
طُوّر موقع البينالي بالتعاون مع عدد من المؤسسات العالمية المتخصصة في مجال الفنون، مثل شركة الهندسة المعمارية السعودية بريكلاب (Bricklab) التي تولت مهمة تصميم المساحات، وشركة واي (wHY) الأمريكية التي قادت عملية التصميم الداخلي.
ويشهد هذا الحي الثقافي تطورًا متسارعًا، حيث يستضيف برامج متنوعة، ويوفر فرصًا تعليمية متميزة، كما يربط زوارَه بمختلف أنواع الفنون على مدار العام.
أُعيد توظيف إحدى مناطق حي جاكس لخلق مساحة فنية مصممة خصيصًا لتقديم معارض فنية معاصرة غامرة، وتقديم تجربة ثقافية تفاعلية ينخرط فيها الزوار بشكل ممتع وحضاري.